ماذا لو اختار المغرب لينوكس و البرامج الحرة في مجال التربية؟
هذا سؤال طرحه اعلان ، مدفوع الأجر على ما يبدو ، نشرته في الصحف احدى الهيئات المهتمة بتعميم استعمال البرامج المعلوماتية الحرة في المغرب . و رغم أنه اعلان تجاري كما قلت ، الا أنه يحتوي على أفكار تستحق ، في رأيي ، المزيد من الحوار و النقاش و خصوصا في مجال استخدام البرامج الحرة في التعليم .
اليكم في ما يلي النص الكامل لهذا الاعلان مع شيئ قليل من التصرف في الصياغة اللغوية :
هناك أسباب عامة قد تملي على مستعمل الحاسوب التركيز على البرامج الحرة التي تسمح بالتحكم في الحاسوب . فمع البرامج غير الحرة ، يخضع الحاسوب الى من يملك البرنامج ـ أي الناشر ـ أكثر من خضوعه لمن يملك الحاسوب . أما مع لينوكس و البرامج الحرة ، يبقى المستعملون أحرارا فيما يخص التعاون و تسيير الحياة . و هذا ينطبق على المدارس كما على عامة الناس .
و لكن هناك أسبابا خاصة بالمدارس .
أولها أن البرامج الحرة تسمح بالتخفيض من النفقات ـ و لو في البلدان الغنية ـ حيث تكون الميزانية محدودة جدا . تعطي البرامج الحرة للمدارس و للمستعملين الآخرين حرية استنساخ و توزيع البرامج لدرجة أن أي نظام تعليمي يمكنه الاستنساخ لتزويد جميع حواسيب المدارس . و هذا قد يساعد البلدان النامية على تقليص " الفوارق الرقمية " .
ان هذا الامتياز الاقتصادي الواضح هامشي رغم أهميته .
ان الذين يطورون البرامج و هم مالكون لها بامكانهم استبعاد هذه السلبية عبر توزيع نسخ مجانية للمدارس ، و لكن حذار...: فالمدرسة التي تقبل هذه " الهدية " قد تضطر يوما ما لدفع ثمن تحديث البرنامج .
لنتعمق اذن في المسألة .
يجب على المدرسة تلقين تلاميذها سلوكات مفيدة بالنسبة للمجتمع ككل . عليها تشجيع استعمال البرامج الحرة بنفس الكيفية التي تشجع بها اعادة التكوين . فادا لقنت المدرسة البرامج الحرة لتلاميذها ـ و للطلبة ـ سيستعمل هؤلاء التلاميذ نفس البرامج بعد تخرجهم من المدرسة مما سيحرر المجتمع كله من هيمنة الشركات متعددة الجنسيات . أما هذه الشركات فانها تهدي مجانا نسخا من البرامج للمدارس لنفس الأسباب التي تدفع شركات التبغ الى التوزيع المجاني للسجائر ، أي جعل الأطفال خاضعين لها . أكيد أن هذه الشركات سوف لن تمنح تخفيضا في ثمن السجائر للتلاميذ و الطلبة بعد تخرجهم و خوضهم في لجة الحياة .
و تسمح البرامج الحرة للتلاميذ و الطلبة بمعرفة الكيفية التي يعمل بها البرنامج ، و عند بلوغهم سن المراهقة يسعى بعضهم الى اكتشاف كل ما هو ممكن اكتشافه حول الحاسوب و برامجه . هذا هو السن الملائم لتعلم ذلك و ليصبح المرء مبرمجا ماهرا . و من أجل تعلم كتابة البرامج يحتاج التلاميذ و الطلبة الى قراءة الكثير عن النص المصدري للبرامج و كتابة العديد منها .
يحتاجون الى قراءة و فهم البرامج الحقيقية التي يستعملها الناس في واقع الأمر و يتطلعون الى قراءة النص المصدري للبرامج التي يستخدمونها .
أما برنامج المالك فهو يرفض هذا التعطش للمعرفة و يقول : " المعرفة التي تسعى اليها سر يمنع عليك اكتشافه " . أما البرنامج الحر فيشجع الجميع على التعلم . ان مجتمع البرامج الحرة يرفض هذا " الاستعباد التكنولوجي " الذي يترك الجمهور جاهلا بكيفية عمل التكنولوجيا .
اننا نشجع جميع التلاميذ و الطلبة كيفما كان سنهم و أصلهم الاجتماعي و غيره على قراءة النص المصدري للبرامج و على تعلم كل ما أرادوا معرفته . و نشجع المدارس التي تستخدم البرامج الحرة على ذلك ، فهذا موجود مثل هدية في البرنامج .
و لعل السبب التالي يعتبر أكثر عمقا : اننا ننتظر من المدرسة أن تعلم التلاميذ و الطلبة معارف أساسية و معارف مفيدة و لكن مهمتها لا تقتصر على ذلك فحسب ، بل ان المهمة الأساسية للمدرسة هي تعليم الناس المواطنة الجيدة و الجوار الحسن من أجل التفاعل مع الآخرين الذين يحتاجون اليهم . هذا يعني في ميدان الاعلاميات تلقين كيفية اقتسام البرامج ، و يا حبذا لو قالت المدارس للتلاميذ قبل كل شيئ : " اذا أتيت الى المدرسة بمنطوق ما ، يجب أن تتقاسمه مع الأطفال الآخرين " .
يجب على المدرسة طبعا أن تطبق ما تدعو اليه ، حيث ان البرامج التي أخذت بها المدرسة يجب أن تصبح متاحة للتلاميذ من أجل الاستنساخ و الذهاب بها الى البيت و توزيعها فيما بعد .
لعل تعليم التلاميذ و الطلبة كيفية استخدام البرامج الحرة هو نوع من التربية على المواطنة . و هذا يبين أيضا للطلبة فوائد النموذج المبني على أساس الخدمة العامة .
يجب استخدام البرامج الحرة على جميع مستويات المدرسة .
لنحرر الاعلاميات في المغرب
[b]