الحماية القانونية للمرتب من حق الموظف في حالة المرض المحدد تقاضي راتبه كاملا
، يعاد إلى عمله بعد عرض ملفه على المجلس التأديبي ، وتعتبر مدة توقفه عن العمل كمدة زاول فيها عمله إذ لم تصدر في حقه أي عقوبة تأديبية .
و استنادا إلى أن أداء الخدمة هو الذي يولد حق الموظف في استحقاق المرتب ، فإن ذلك هو ما يفسر اتجاه الإدارة في الآونة الأخيرة بالمغرب إلى عدم صرف أجور موظفيها إلا عند متم كل شهر ، فالقاعدة أن المرتبات يجب أن تدفع مؤجلا وليس مقدما .
وقد خص المشرع المرتب بحماية خاصة ، فلا يمكن للإدارة أن تجري أية اقتطاعات أو حجز على مرتب موظف إلا في الأحوال التي ينص عليها القانون ، و ذلك لما للمرتب من وظيفة اجتماعية تتمثل في كونه المورد الأساسي للموظف في معيشته ، ووسيلته لمواجهة تكاليف الحياة .
ويتعرض مرتب الموظف إلى خصم كلي أو جزئي إما نتيجة لأحكام القانون ، و إما بمقتضى إرادة الموظف ، أو نتيجة حكم قضائي .
III ـ حالة الاستفادة من الرخص :
من الحقوق المخولة للموظف العمومي الحق في الاستفادة من الرخص الإدارية و الصحية ، وفي الحالتين معا يعتبر كأنه في وضعية القيام بوظيفته .
ويكون الموظف في حالة القيام بوظيفته إذا كان مرسما في درجة ما ومزاولا بالفعل مهام أحد المناصب المطابقة لها .
ويستفاد مما ذكر أن الموظف يعتبر من الناحية القانونية و الإدارية مزاولا لعمله و لو أنه عمليا في رخصة ، الأمر الذي يخول له الحق في تقاضي مرتبه كاملا بدون نقصان أو تخفيض ، باعتبار أن التغيب عن العمل المرخص له أو المقرر قانونيا ، لا يتنافى مع وضعية القيام بالوظيفة .
وبناء على هذه القاعدة التي تحدد مفهوم وضعية القيام بالوظيفة ونطاق تطبيقه ، فإن المشرع المغربي نص بصريح العبارة في الفصل 40 من القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية على أنه : ''لكل موظف قائم بعمله الحق في رخصة يتقاضى عنها مرتبه ، وتبلغ مدتها شهرا عن كل سنة زاول أثناءها مهامه ...'' .
وفي نفس الإطار نص الفصل 41 من القانون السالف الذكر على أنه : '' يجوز إعطاء رخص استثنائية أو الإذن بالتغيب مع التمتع بكامل المرتب دون أن يدخل ذلك في حساب الرخص الاعتيادية ...'' .
و إعمالا للفصول المذكورة ، فإن الإدارة درجت على تمتيع الموظف بكامل مرتبه عندما يكون في وضعية رخصة إدارية ، بل ويستفيد أعضاء الهيئة التعليمية من معلمين و أساتذة ، إضافة إلى الرخصة الإدارية السنوية المحددة في شهر واحد ، المخولة لجميع الموظفين العموميين ، من شهر ونصف كل موسم دراسي خلال العطلة التعليمية الصيفية التي تقرر لفائدة التلاميذ عند متم كل موسم دراسي في آخر شهر يونيو ، و لا تتعرض مرتباتهم إلى أي تخفيض بسبب ذلك ...
ورغم أن العطل البينية خلال الموسم الدراسي لاتدخل في نطاق أيام عمل المدرسين ، فإنها تعد بمثابة فترة عمل ، يتقاضى عنها هؤلاء كامل مرتباتهم .
ويستنتج مما سبق أن مفهوم '' الراتب '' و '' المرتب '' حينما يرد في الفصول السالفة الذكر ، يقصد به المشرع ''الأجرة'' بكامل عناصرها من تعويض الإقامة ، و التعويضات القارة و غيرها .
كما أنه ونظرا لورود الرخص الإدارية و الرخص لأسباب صحية و الرخص الممنوحة عن الولادة في الفصل 38 على نفس الدرجة ، فإن مصطلحات ''الراتب'' و ''المرتب'' و ''الأجرة'' تحمل مدلولا واحدا هي المبالغ المالية الكاملة ، التي يتقاضاها الموظف أثناء القيام بعمله من الخزينة العامة للدولة ، و التي تشمل الراتب الأساسي و التعويضات و المنح بمختلف أصنافها .
وعليه ، فإن الإدارة تكون غير محقة حينما تلجأ إلى خصم التعويضات القارة من أجرة الموظف في رخصة محددة لأسباب صحية أو غيرها ، من الذين يؤذن لهم قانونا بالتغيب لأسباب استثنائية أو لأداء فريضة الحج ، أو الولادة بالنسبة للمرأة الموظفة . ففي جميع هذه الحالات ، خول المشرع المغربي للموظفين المعنيين الحق في الاستفادة من مجموع الأجرة ، و لا يمكن إجراء اقتطاعات على الأجرة ، أو توقيف دفعها بصورة كاملة إلا إذا تعلق الأمر بتغيب غير مبرر ، أو عدم تقديم الشواهد الطبية اللازمة ، أو عند وجود نص قانوني يحدد الأجر الذي يجب صرفه للموظف في بعض حالات رخص المرض .
وقد أكدت الغرفة الإدارية في المجلس الأعلى التعريف الآنف الذكر للراتب وكذا الأجرة و المرتب ، مؤيدة حكما إداريا يقضي بإلغاء قرار للإدارة تضمن عدم صرف راتب كامل لموظف عن رخصة مرضية تقل عن ثلاثة أشهر . و جاء في قرارا الغرفة الإدارية : ''أنه باستقراء هذه الفصول (26 ، 38 ، 43 من قانون الوظيفة العمومية) يتبين أن الموظف في حالة المرض المحدد المدة يتقاضى راتبه ، و أن مفهوم الراتب حسب هذه المقتضيات هو كامل ما يتقاضاه الموظف أثناء القيام بعمله من مبالغ مالية تصرفها خزينة الدولة و التي تشمل جميع المستحقات من راتب أساسي و تعويضات مختلفة ...'' .
نخلص مما سبق أن المشرع أحاط المرتب بحماية قانونية تتمثل في التالي :
ـ حق كل موظف قائم بعمله سواء كان في وضعية المزاولة الفعلية لمهامه أو في رخصة إدارية أو رخصة مرض أقل من ثلاثة أشهر ، في أن يتقاضى مجموع أجرته بما فيها التعويضات القارة .
ـ عدم جواز توقيع اقتطاعات على أجرة الموظف العمومي ، أو حرمانه جزئيا أو كليا منها إلا في الأحوال التي ينص عليها القانون .