عملية القيادة الإدارية لا تتوقف على
مدير المدرسة فقط مهما كانت صفاته، بل يتوقف أيضاً على أفراد
الجماعة اللذين يتعامل معهم ، وعلى مستوى العلاقات الإنسانية
بينهم وبينه، ومن هنا يظهر دور القائد الإداري في خلق جسور من
الثقة والدفء في العلاقات الإنسانية .
إن مدير المدرسة الفعّال هو الذي يستخدم مهاراته وخبراته في تطبيق الأساليب
العلمية الحديثة للإدارة، بحيث تتناسب مع طبيعة العمل الإداري
الذي يمارسه، وبحيث يصبح كفاياته رهناً برؤيته الواضحة لحركة التعليم
وبنظرته المتكاملة إلى العملية التربوية...
لذا نجد أن من التربويين من رأى أن
هناك مجموعة
من المهارات الضرورية لمدير المدرسة
وأهمها :
* المهارات الذاتية
*المهارات الفنية
*المهارات الإنسانية
*المهارات الإدراكية
أولاً : مهارات ذاتية وتكوينات نفسية :
وهي تشتمل على السمات الشخصية والقدرات العقلية و روح المبادرة
والابتكار
، فطبيعة
العمل الإداري الشاق تستوجب من مدير المدرسة أن يتوفر لديه صحة جيدة وقوة ونشاط ،وقدرة على التحمل، حتى يستطيع أن يشيع الحيوية
والنشاط
في العاملين بالمدرسة، وأن يكون قادرعلى ضبط النفس فلا
يغضب بسرعة، صابر متزن، يدرس الأمور بعناية قبل أن يصدر
الأحكام كذلك عليه أن يمتلك عنصر الشعور بالمسئولية وقوة
الإرادة ومضاء العزيمة والثقة والاعتزاز بالنفس .
هذا في حين يعتبر الذكاء من أهم القدرات العقلية اللازمة
للإدارة، وقد
أثبتت كثير من الدراسات أن هناك صلة بين الذكاء والنجاح
في القيادة،
فالذكاء يجعل الرجل القائد لديه بعد تصوري يتعرف من خلاله
على المشكلات
ويستطيع مواجهتها، كذلك الذكاء يمد الفرد بسرعة البديهة
والفطنة ومواجهة الأمور بحزم .
كذلك من المهارات الذاتية للمدير توفر عنصر المبادرة
والابتكار، حيث تستطيع أن يكتشف عزيمة كل موظف وقدراته
فيصل إلى أفضل السبل لشحذ عزيمة الموظفين للعمل وبث روح
النشاط والحيوية في شرايين المؤسسة التربوية .
إن صفة المبادرة صفة مهمة للقائد التربوي حيث تمكنه من
اتخاذ القرارات الصائبة، ومن هنا ضروري أن يتصف المدير
بالشجاعة والقدرة على الحسم وسرعة التصرف مع القدرة على ضبط
النفس والاتزان ،ومعنى ذلك أن يستطيع أن يتحكم في عواطفه
وإدارة نفسه بعيداً عن العصبية والتهور .
ثانياً : مهارات فنية ومعرفية :
يتسم العصر الذي نعيشه بالتغيرات والتطورات المتلاحقة في
أساليب التعلم والتعليم، ومن هذه الزاوية يتحتم على
مدير المدرسة أن يكون ملم بكثير من المعارف والمعلومات، بل
أكثر من ذلك يعرف متى وكيف يحصل على ما يريد من المعلومات
اللازمة من مصادرها، ولا ينتظر أن توصل إليه أو يزوده أحد بها، فهو يمتلك الروح البحثية دائماً، يسعى للتجديد والابتكار والإبداع .
ومن هنا لكي يكون المدير ناجح في عمله لا بد له أن يكون
لديه المقدرة على ربط الأمور الإدارية بالخطوط العريضة
لسياسة السلطة، وأن يمتلك من المعارف ما يؤهله لأن
يكون لديه القدرة على اختيار أفضل الأساليب التي تكفل الحصول على أكبر قدر
من الكفاية الإنتاجية، حيث يجمع ما بين التنظيم والتنسيق وتفويض السلطة .
هذا بالإضافة إلى أن يمتلك مهارات معرفية واسعة في علم
النفس وأصول التربية كي يستطيع أن يساير الطبائع البشرية التي يتعامل معها .
إن مهارات مدير المدرسة رهناً برؤيته الواضحة لحركة
التعليم ونظرته المتكاملة والشاملة إلى العملية التربوية
وعلاقته بغيرها من المؤثرات الثقافية؛
ولذا فأننا نؤكد على أهم المهارات
الفنية الواجب توافرها لدى مدير المدرسة وهي :
1- مهارات في تطوير المناهج الدراسية.
2- مهارات في تقويم الخطة التربوية .
3- مهارات ترجمة برامج المدرسة إلى خطط واقعية .
4- مهارات في تفويض الصلاحيات .
5- المهارة في اتخاذ القرارات .
6- المهارة في القيادة .
ثالثاً : مهارات
إنســــــــــــــــانية :
وهي تعني فن التعامل مع البشر، والتعامل مع الناس على قدر
عقولهم، فهي
أولى المهام، بل وتعتبر مركز الإدارة التربوية، لأن
الإدارة تتطلب باستمرار التعامل مع البشر على كافة
مستوياتهم سواء داخل المدرسة (معلمين – إداريين – طلاب – أولياء أمور – مشرفين
) أو على مستوى المجتمع المحلي بكافة مؤسساته والعاملين
فيه، هذه المهمة تتطلب من مدير المدرسة بصفته قائد للعلاقات
الإنسانية أن يكون مطلع بعمق في الطبائع البشرية ويستطيع توجيه تلك
العلاقات الإنسانية بطريقة مدروسة ومحددة لتفعيل العملية التربوية، إذ
نجد في المدارس الفاعلة أن القائد التربوي يتمتع بنشاط دؤوب يستطيع أن يوجد
مناخاً مدرسياً يتم التركيز فيه على الجوانب الأكاديمية، والسيطرة على
البيئة الداخلية من معلمين وطلاب وموارد.
ويذكر علماء الإدارة مجموعة من
المهارات يطلقون عليها مهارات المساواة، يمكن أن يستخدمها مدير المدرسة في تحسين
العلاقات الإنسانية وهي
:
1- كل فرد مهم وكل واحد يحتاج إلى الاعتراف بجهده .
2- القائد ينمو حين تتوزع مهام القيادة .
3- القيادة يجب أن يشترك فيها الآخرون .
وعلى ذلك تتطلب المهارة الإنسانية أن يكون مدير المدرسة
لديه القدرة على بناء علاقات حميمة طيبة مع مرءوسيه، وذلك
من خلال معرفته بميول واتجاهات المرءوسين وفهم لمشاعرهم
وتقبُل لاقتراحاتهم وانتقاداتهم البناءة، مما يُفسح المجال
أمام المرءوسين للإبداع والابتكار وحسن الانتماء للمدرسة التي يعملون
فيها .
فالعلاقات الإنسانية ليست مجرد كلمات طيبة، أو ابتسامات
يوزعها مدير
المدرسة بين الحين والحين الآخر سواء مجاملة أو غير ذلك
،بل هي فهم عميق لقدرات وطاقات ودوافع وحاجات البشر الذين
تتعامل معهم، ومحاولة استثمار كل هذه الإمكانات لحفزهم على
العمل بروح الفريق لتحقيق الأهداف المنشودة، حيث تشير الأبحاث
الحديثة في مجال الإدارة على أن فشل كثير من الإداريين في عملهم وفي
تحقيق أهداف العمل مرجعه نقص في المهارات الإنسانية عندهم، أكثر من أن يكون قصوراً في مهارة العمل نفسه .
ومن هنا يتوجب على المدير الواعي أن يحاول جاهداً أن يحد
من تأثير النظرة السلبية للآخرين، وفي أقل تقدير يحاول أن
يبقي هذا الأثر في مستوى بحيث لا يفسد عليه تصرفاته فيقع
ضحية للجهل، لذا يجب أن يكون متفتح الذهن والعقل متوقد الذكاء
متواضع، يشجع الآخرين على تحمل المسؤولية، لأنه يدرك أن الإنسان قادراً
على تجاوز قصوره بالمثابرة والشعور بالقيمة الذاتية .
ومما لا شك فيه أن المديرين في كافة المستويات الإدارية
لن تكتمل لهم
مقومات الإدارة الناجحة ما لم يقفوا على حقيقة دوافع
الأفراد سواء تلك الدوافع الشعورية أو اللاشعورية وحاجاتهم
ومكونات وهياكل شخصياتهم الإنسانية واتجاهاتهم النفسية وقدراتهم
وميولهم إلى جانب مستوى الذكاء والعمليات العقلية من
إدراك وإحساس وتفكير
.
ومن خلال العلاقات الإنسانية يكون مدير المدرسة مسؤول عن
التغيير الفعّال للسلوك البشري للأفراد داخل المدرسة، فالإدارة
الرشيدة تحاول استقطاب المحايدين والمنحرفين عن أهدافها وتغير
اتجاهاتهم نحو التعاون والمشاركة ، فالسلوك الإنساني يمثل أحد
المحددات الرئيسية للكفاءة الإدارية وإنتاجيتها، والعوامل
الأخرى المساعدة في العمل الإداري، إنما تكتسب أهميتها من
خلال العمل الإنساني
.
رابعاً : المــــــــهارات الإدراكية
التصــــــــــورية :
تعني هذه المهارة مقدرة القائد التربوي على رؤية مدرسته
ككل و على تفهمه و إدراكه شبكة العلاقات التي تربط وظائفها
و مكوناتها الفرعية المتنوعة ، وكيف أن أي تغير في أي
مكون فرعي سيؤثر و بالضرورة و لو بنسب متفاوتة على بقية المكونات
الفرعية الأخرى التي يشتمل عليها النظام، كما تعني أيضا إدراك المدير و
القائد التربوي لشبكة العلاقات بين النظام الذي يعمل فيه و ما يرافقه من
نظم اجتماعية أخرى ، لذلك من الضروري أن يمتلك مدير المدرسة رؤية واضحة
للمدرسة التي يديرها ويفهم الترابط بين أجزائها ونشاطاتها، وبالتالي يتكون
لديه فهم واضح لعلاقات جميع الموارد البشرية في المدرسة من (معلمين – طلاب – إداريين
، وأعضاء المجتمع المحلي)
كذلك يجب أن يكون هناك تصور واضح لعلاقة المدرسة بالمجتمع
المحلي، إضافة إلى معرفة واضحة بأوضاع هذا المجتمع
التشريعية، الاقتصادية، الاجتماعية .
فإن معرفة مدير المدرسة لهذه الأمور ووجود تصور مسبق لديه
يستطيع من خلاله استخدام مهاراته الإنسانية في التعامل مع
المجتمع المحلي، كما يستطيع من خلال تصوراته وإدراكه
المستقبلي أن يؤثر في مرءوسيه حيث يدفعهم إلى الإبداع
والابتكار والمبادرة وتحمل المسئولية .
وعلى ذلك فإن إسهام مدير المدرسة في تحقيق أهداف التعليم
لا يقتصر على
أدائه لواجباته الروتينية فحسب، بل يُُقدم على الإبداع
والابتكار، في محاولة التغلب على مشكلات العمل المدرسي،
وممارسة طرق وأساليب أكثر تطوراً في الأنشطة الإدارية
والفنية التي يقوم بها، ومن هنا يجب أن يتصف مدير المدرسة
بالقدرة على تحمل الصعوبات والمخاطر، حتى يكون قادراُ على اتخاذ قرارات تتسم بالجرأة والحسم .
هذا وتعقيباً لما سبق فهناك مواصفات
لمدير المدرسة يجب أن يتصف بها يمكن إيجازها بخمس صفات للقائد التربوي الناجح
وتتمثل في :
1-وجود حد أدنى من الصفات الذاتية، كالصحة والذكاء
والقدرة على التحمل
.
2- وجود قدر معين من الخصائص المكتسبة كالقدرة على
الإقناع والاتصال والإحاطة بجوانب الأمور قبل البت فيها،
والقدرة على إيجاد الحلول للمشكلات والثبات في مواجهة الأزمات .
3- توافر الجانب الأخلاقي في القائد التربوي ، وذلك
باتصافه بالصبر والأمانة والشرف والنزاهة، والإخلاص
والتفاني في العمل، حتى يصبح القدوة الحسنة لجميع العاملين في
المدرسة.
4- تفهم الأهداف العامة، والعمل على تحقيق المصلحة العامة
وتنفيذ السياسة العامة للدولة.
5- توافر قدر معين من المهارات والخبرات فيما يتعلق
بالعمل الذي يتولى القيادة فيه .
و بشكل عام فإن المهارات الأربعة السالفة الذكر هي مهمة و
ضرورية للقائد التربوي حيث يستطيع أن يوظف مهاراته هذه
بشكل يستطيع أن يحقق فاعلية النظام الذي يعمل فيه و ذلك من خلال
تفاعل النظام مع المتغيرات التي يعايشها .