فوائد الاستيقاظ المبكر من النوم
محبو ساعات الصباح الأولى في نعمة يغبطون عليها. فللاستيقاظ المبكر عشر فوائد. ليس صحيحا أن بعضنا «صباحي المزاج» والآخر مسائي ... كل ما في الأمر أن هناك من ينام مبكرا فيستيقظ مستمتعا بفوائد ساعات الصباح الأولى* وهناك من «يأكل السهر» ملامح وجهه فيحرمه من تلك النعمة ويجعله كارها لساعات الصباح الجميلة.
سبب النشاط
أثبتت إحدى الدراسات أن الاستيقاظ مبكرا يستدعي الهمة والنشاط. يقول د. زهير رابح في معرض كتابه «الاستشفاء بالصلاة «إن «الكورتيزون الذي هو هرمون النشاط في جسم الإنسان يبدأ في الازدياد وبحدة مع دخول وقت صلاة الفجر* ويتلازم معه ارتفاع منسوب ضغط الدم* ولهذا يشعر الإنسان بنشاط كبير بعد صلاة الفجر بين الساعة السادسة والتاسعة صباحا». ويضيف أن الجو* في هذا الوقت تحديدا* يشهد «أعلى نسبة لغاز الأوزون ... ولهذا الغاز الصباحي العجيب تأثير منشط للجهاز العصبي وللأعمال الذهنية والعضلية». وربما هو سبب كافٍ لترك لذة السرير والاستمتاع ببداية يوم مليء بالحيوية والنشاط.
الوصول مبكرا
السبب الأول لوصول كثير من الموظفين متأخرين هو عدم استيقاظهم مبكرا. فمن يستيقظ مبكرا يجد وقتا كافيا للوصول إلى مقر عمله حسب الموعد المطلوب. ومهما قلل بعضنا من أهمية الالتزام بالحضور المبكر* تبقى حقيقة أنه أحد مؤشرات التي تظهر جدية الموظف.
مزيد من الأوكسجين
في كل صباح* أرى عددا من كبار السن يمارسون رياضة المشي بالقرب من منزلي* وهم أنفسهم الذين يأخذون أطفالهم إلى مدارسهم. الاستيقاظ المبكر يهدي إلينا وقتا لممارسة الرياضات الصباحية التي تشحننا بالأوكسجين المهم لتنشيط العقل والبدن. فالأوكسجين يحتاجه العقل ليحسن وظائفه وكذلك حال البدن. هناك من تمر عليهم أيام لا يمشون أكثر من كيلو متر واحد* لأن نعمة السيارة تأبى إلا أن تضعهم عند بوابة كل مكان يذهبون إليه.
كسر الروتين
والاستيقاظ في هذه الساعات المبكرة يكسر الروتين* حيث يستطيع أهل البكور تناول وجبة فطورهم في مطعم معين كنوع من تغيير الروتين اليومي الممل. هناك مطاعم كثير تعمل على مدار الساعة (24 ساعة) تستقبل الراغبين في تغيير روتينهم. ذات صباح* فارقني النوم فذهبت وصديقي إلى أحد المطاعم الهندية القريبة ففوجئنا به مكتظا عن آخره* طلب النادل منا الانتظار* فحميت فزعة أحد ال**ائن* شارف على الانتهاء من طعامه* فاستعجل دفع حسابه* ليعطينا طاولته.
التخطيط والتأمل الهدوء الصباحي أفضل وقت للتخطيط لجدول اليوم* والتأكد من أنه يسير وفق خططنا المستقبلية. كما أن ساعات الصباح الأولى أدعى إلى التأمل العميق في أخطاء الأمس* وأجدى بالتعهد بعدم تكرارها* سواء كانت بحق أنفسنا أو بحق الآخرين. من يستيقظوا متأخرين يهرعوا إلى تبديل ملابسهم يلاحقهم في ذلك شعور بالتقصير* وربما يطاردهم شيء من القلق أو الربكة خصوصا إن كانت أعمالهم أو دراستهم حازمة في أمر الحضور والانصراف.
قضاء الحاجيات
في الصباح الباكر يقل الازدحام في محلات البقالة والجمعيات التعاونية* وهذه فرصة مناسبة لشراء حاجيات الأسرة* وأمر ينعم به محبو الصباح. وهذه الساعات وقت إضافي لمن يشتكون من ضيق الوقت* ففيه يندر أن نقاطع من قبل الآخرين في اتصال أو زيارة مفاجئة.
سمعت صديقا يقول: «أحرص على الاستيقاظ المبكر ليتسنى لي الحديث مع أطفالي وهو يحرص على نقلهم إلى المدرسة على رغم أن لديه سائقا لنكمل الحديث وأتعرف على همومهم وطلباتهم» على حسب قوله.
عمل الخير
ساعات الصباح الأولى فرصة لعمل خير يقربنا من الله تعالى ومن الآخرين. إدخال السرور على والدينا بتناول وجبة الإفطار معهم له وقع كبير* خصوصا لمن يعيشون في منزل آخر. ويمكننا البحث في الطرقات عن محتاجين نحييهم بابتسامة الصباح ونتصدق عليهم فتنشرح صدورنا وصدورهم بالعطاء.
الصباح الباكر هبة لنحصل على أجر أداء فريضة الحج والعمرة ونحن لم نتجاوز حدود منطقتنا السكنية. فقد قال رسول الله صلى لله عليه وسلم: «من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة* تامة* تامة» (1) «ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله» (2). كما أن قراءة بضع صفحات من القرآن تعد بداية يوم طيبة لغسل أدران القلب ففي آياته «شفاء لما في الصدور».
تفادي النسيان
كم مرة نسيت غرضا مهما في المنزل وعدت أدراجك لأخذه؟ لماذا ننسى أشياء مهمة * كجواز السفر قبل التوجه إلى المطار أو شنطة العمل أو مفتاح السيارة؟ إنه الخروج المتأخر* فلو صحا كل منا مبكرا فسيتجنب تلك الربكة وسينطلق إلى عمل ملؤه السكينة والراحة.
بركة في الرزق
الاستيقاظ المبكر سبب أساسي لبركة الرزق. حيث دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يبارك الله لنا في الصباح الباكر فقال: «اللهم بارك لأمتي في بكورها (3). وكان إذا أراد إرسال سرية بعثها في أول النهار لتتحقق لها البركة. والرزق المقصود عنها ليس المالي فحسب* وإنما كل ما ينعم به الإنسان من خير.
إن في إدراك صلاة الفجر في جماعة لتحصين لأنفسنا من مخاطر كثيرة. فكما في الحديث الشريف: «من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله» (4) ومعنى في ذمة الله أي «ضمان «أو «أمان «من الله تعالى. لو أن أعظم ملوك الأرض قد تعهدنا بالحماية اللصيقة كيف ستكون خطانا؟.. حديثنا؟.. أعمالنا؟..فما بالنا لو كان المتعهد ملك الملوك سبحانه.
من يستثقلون ساعات الصباح الأولى* ربما اعتادوا على النوم المتأخر الذي يحرمهم من لذة الاستفادة من هذه الساعات الهادئة. فالنوم المبكر مرتبط بدرجة كبيرة في الاستمتاع والإقبال على هذه الساعات الذهبية التي غفل عنها كثير من الناس.